کد مطلب:90788 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:119

کتاب له علیه السلام (58)-إِلی معاویة یکذّب فیه ادعاءاته















بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمیرِ الْمُؤْمِنینَ إِلی مُعَاوِیَةَ بْنِ صَخْرٍ[1].

أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَتْنی مِنْكَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ، وَ رِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ، نَمَّقْتَهَا بِضَلاَلِكَ، وَ أَمْضَیْتَهَا

[صفحه 844]

بِسُوءِ رَأْیِكَ.

وَ كِتَابُ امْرِئٍ لَیْسَ لَهُ بَصَرٌ یَهْدیهِ، وَ لاَ قَائِدٌ یُرْشِدُهُ، قَدْ دَعَاهُ الْهَوی فَأَجَابَهُ، وَ قَادَهُ الضَّلاَلُ فَاتَّبَعَهُ، فَهَجَرَ لاَغِطاً، وَ ضَلَّ خَابِطاً.

فَأَمَّا أَمْرُكَ لی بِالتَّقْوی، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، وَ أَسْتَعیذُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِنَ الَّذینَ إِذَا أُمِرُوا بِهَا أَخَذَتْهُمُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ.

وَ لَوْ لاَ عِلْمی بِكَ، وَ مَا قَدْ سَبَقَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فیكَ مِمَّا لاَ مَرَدَّ لَهُ دُونَ نَفَاذِهِ، إِذاً لَوَعَظْتُكَ.

وَ لكِنَّ عِظَتی لاَ تَنْفَعُ مَنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَ لَمْ یَخَفِ الْعِقَابَ، وَ لَمْ یَرْجُ للَّهِ وَقَاراً، وَ لَمْ یَخَفْ لَهُ حَذَاراً.

وَ أَمَّا تَحْذیرُكَ إِیَّایَ أَنْ یَحْبَطَ عَمَلی وَ سَابِقَتی فِی الإِسْلاَمِ، فَلَعَمْری لَوْ كُنْتُ الْبَاغی عَلَیْكَ لَكَانَ لَكَ أَنْ تُحَذِّرَنی ذَلِكَ، وَ لكِنّی وَجَدْتُ اللَّهَ تَعَالی یَقُولُ: فَقَاتِلُوا الَّتی تَبْغی حَتَّی تَفی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ[2].

فَنَظَرْنَا إِلَی الْفِئَتَیْنِ، أَمَّا الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَوَجَدْنَاهَا الْفِئَةَ الَّتی أَنْتَ فیهَا، لأَنَّ بَیْعَتی بِالْمَدینَةِ لَزِمَتْكَ وَ أَنْتَ بِالشَّامِ، كَمَا لَزِمَتْكَ بَیْعَةُ عُثْمَانَ بِالْمَدینَةِ وَ أَنْتَ أَمیرٌ لِعُمَرَ عَلَی الشَّامِ، وَ كَمَا لَزِمَتْ یَزیدَ أَخَاكَ بَیْعَةُ عُمَرَ وَ هُوَ أَمیرٌ لأَبی بَكْرٍ عَلَی الشَّامِ.

وَ أَمَّا شَقُّ عَصَا هذِهِ الأُمَّةِ، فَأَنَا أَحَقُّ أَنْ أَنْهَاكَ عَنْهُ.

وَ أَمَّا تَخْویفُكَ لی مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْبَغْی، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمَرَنی بِقِتَالِهِمْ وَ قَتْلِهِمْ،

وَ قَالَ لأَصْحَابِهِ: إِنَّ فیكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلی تَأْویلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلی تَنْزیلِهِ، وَ أَشَارَ إِلَیَّ.

وَ أَنَا أَوْلی مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ.

وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَفْسَدَ عَلَیْكَ بَیْعَتی خُفُوری[3] فی عُثْمَانَ، وَ لَعَمْری مَا كُنْتُ إِلاَّ رَجُلاً مِنَ الْمُهَاجِرینَ، أَوْرَدْتُ كَمَا أَوْرَدُوا، وَ أَصْدَرْتُ كَمَا أَصْدَرُوا، وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْمَعَهُمْ عَلی ضَلاَلٍ، وَ لاَ لِیَضْرِبَهُمْ بِالْعَمی.

وَ مَا أَمَرْتُ فَتَلْزَمَنی خَطیئَةُ الأَمْرِ، وَ لاَ قَتَلْتُ فَیَجِبَ عَلَیَّ قِصَاصُ[4] الْقَاتِلِ.

[صفحه 845]

وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ هُمُ الْحُكَّامُ عَلی أَهْلِ الْحِجَازِ، فَهَاتِ رَجُلاً مِنْ قُرَیْشِ الشَّامِ یُقْبَلُ فِی الشُّوری، أَوْ تَحِلُّ لَهُ الْخِلاَفَةُ.

فَإِنْ سَمَّیْتَ أَحَداً مِنْهُمْ[5] كَذَّبَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الأَنْصَارُ، وَ إِلاَّ فَأَنَا آتیكَ بِهِ مِنْ قُرَیْشِ الْحِجَازِ.

وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ بَیْعَتی لَمْ تَصِحّ لأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمْ یَدْخُلُوا فیهَا، كَیْفَ وَ إِنَّهَا شَمِلَتِ الْخَاصَّ وَ الْعَامَّ[6]، لأَنَّهَا بَیْعَةٌ عَامَّةٌ[7] وَاحِدَةٌ، تُلْزِمُ الْحَاضِرَ وَ الْغَائِبَ[8]، لاَ یُثَنَّی فیهَا النَّظَرُ[9]، وَ لاَ یُسْتَأْنَفُ فیهَا الْخِیَارُ.

اَلْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ، وَ الْمُرَوّی فیهَا مُدَاهِنٌ.

وَ إِنَّمَا الشُّوری لِلْمُؤْمِنینَ مِنَ الْمُهَاجِرینَ الأَوَّلینَ، السَّابِقینَ بِالاِحْسَانِ مِنَ الْبَدْرِیّینَ.

وَ إِنَّمَا أَنْتَ طَلیقٌ ابْنُ طَلیقٍ، لَعینٌ ابْنُ لَعینٍ، وَثَنٌ ابْنُ وَثَنٍ، لَیْسَتْ لَكَ هِجْرَةٌ وَ لاَ سَابِقَةٌ، وَ لاَ مَنْقَبَةٌ وَ لاَ فَضیلَةٌ، وَ كَانَ أَبُوكَ مِنَ الأَحْزَابِ الَّذینَ حَارَبُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ. فَنَصَرَ اللَّهُ عَبْدَهُ، وَ صَدَّقَ وَعْدَهُ، وَ هَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ.

وَ أَمَّا تَمْییزُكَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ، فَلَعَمْری مَا الأَمْرُ فی ذَلِكَ إِلاَّ وَاحِدٌ سَوَاءٌ.

وَ أَمَّا قَوْلُكَ: ادْفَعْ إِلَیَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، فَمَا أَنْتَ وَ ذَاكَ، إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنْ بَنی أُمَیَّةَ وَ هَاهُنَا بَنُو عُثْمَانَ وَ هُمْ أَوْلی بِمُطَالَبَةِ دَمِهِ[10] مِنْكَ.

فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّكَ أَقْوی عَلی طَلَبِ دَمِ أَبیهِمْ مِنْهُمْ، فَارْجِعْ إِلَی الْبَیْعَةِ الَّتی لَزِمَتْكَ، وَ ادْخُلْ فی

[صفحه 846]

طَاعَتی، ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَیَّ، أَحْمِلُكَ وَ إِیَّاهُمْ عَلَی الْمَحَجَّةِ.

وَ أَمَّا وُلُوعُكَ فی أَمْرِ عُثْمَانَ، فَوَ اللَّهِ مَا قُلْتَ ذَلِكَ عَنْ حَقِّ الْعَیَانِ، وَ لاَ عَنْ یَقینٍ بِالْخَبَرِ.

وَ أَمَّا اعْتِرَافُكَ بِفَضْلی وَ بِقِدَمی وَ سَوَابِقی فِی الإِسْلاَمِ وَ قَرَابَتی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ شَرَفی فی بَنی هَاشِمٍ[11]، فَلَعَمْری لَوِ اسْتَطَعْتَ دَفْعَهُ لَفَعَلْتَ.

فَشَأْنُكَ وَ مَا أَنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ وَ الْحَیْرَةِ وَ الْجَهَالَةِ، تَجِدِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فی ذَلِكَ بِالْمِرْصَادِ،

مِنْ دُنْیَاكَ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْكَ، وَ تَمَنّیكَ الأَبَاطیلَ.

وَ قَدْ عَلِمْتَ مَا قَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ[12] فیكَ وَ فی أُمِّكَ وَ أَبیكَ.

فَارْبَعْ عَلی ظَلْعِكَ، وَ انْزَعْ سِرْبَالَ غَیِّكَ، وَ اتْرُكْ مَا لاَ جَدْوی لَهُ عَلَیْكَ، فَلَیْسَ لَكَ عِنْدی إِلاَّ السَّیْفُ حَتَّی تَفی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ صَاغِراً، وَ تَدْخُلَ فِی الْبَیْعَةِ رَاغِماً.


أَلَمْ تَرَ قَوْمی إِذْ دَعَاهُمْ أَخُوهُمُ
أَجَابُوا وَ إِنْ یَغْضَبْ عَلی الْقَوْمِ یَغْضَبُوا


وَ السَّلاَمُ[13].


صفحه 844، 845، 846.








    1. أبی سفیان. ورد فی شرح ابن أبی الحدید ج 14 ص 43. و منهاج البراعة ج 17 ص 216. و نهج السعادة ج 4 ص 260.
    2. الحجرات، 9.
    3. خطیئتی. ورد فی كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 534.
    4. فأخاف علی نفسی قصاص. ورد فی العقد الفرید ج 5 ص 81. و نهج السعادة للمحمودی ج 4 ص 93.
    5. زعمت ذلك. ورد فی وقعة صفین ص 58. و كتاب الفتوح ج 2 ص 534. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 499.
    6. ورد فی المصادر السابقة. و الإمامة و السیاسة ج 1 ص 113. و العقد الفرید ج 5 ص 81. و الفتوح ج 2 ص 535. و مناقب آل أبی طالب ج 3 ص 194 و 195. و المناقب للخوارزمی ص 134. و شرح ابن أبی الحدید ج 14 ص 43. و منهاج البراعة ج 17 ص 216 و 223. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 120. و نهج السعادة ج 4 ص 93 و 261. و نهج البلاغة الثانی ص 235 و 257.

      باختلاف بین المصادر.

    7. ورد فی العقد الفرید ج 5 ص 78. و الفتوح ج 2 ص 494. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 499. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 121. و نهج السعادة ج 4 ص 94.
    8. ورد فی شرح ابن أبی الحدید ج 14 ص 43. و منهاج البراعة ج 17 ص 223. و نهج السعادة ج 4 ص 263.
    9. لا ینثنی فیها البصیر. ورد فی الإمامة و السیاسة لابن قتیبة ج 1 ص 112.
    10. أولی بعثمان. ورد فی المصدر السابق.
    11. قریش. ورد فی المصدر السابق. و صفین ص 58. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 121. و منهاج البراعة ج 17 ص 218. و نهج البلاغة الثانی ص 235.
    12. علیه الصّلاة و السّلام. ورد فی الإمامة و السیاسة لابن قتیبة ج 1 ص 112.
    13. ورد فی المصدر السابق. و صفین ص 58. و الفتوح ج 2 ص 534 و 535. و مناقب آل أبی طالب ج 3 ص 194 و 195. و المناقب للخوارزمی ص 134. و شرح ابن أبی الحدید ج 14 ص 43. و تذكرة الخواص ص 82. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 499 و 500. و منهاج البراعة ج 17 ص 223. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 121. و نهج السعادة ج 4 ص 263 و 266. و نهج البلاغة الثانی ص 235 و 246. باختلاف.