کد مطلب:90788 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:119
أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَتْنی مِنْكَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ، وَ رِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ، نَمَّقْتَهَا بِضَلاَلِكَ، وَ أَمْضَیْتَهَا [صفحه 844] بِسُوءِ رَأْیِكَ. وَ كِتَابُ امْرِئٍ لَیْسَ لَهُ بَصَرٌ یَهْدیهِ، وَ لاَ قَائِدٌ یُرْشِدُهُ، قَدْ دَعَاهُ الْهَوی فَأَجَابَهُ، وَ قَادَهُ الضَّلاَلُ فَاتَّبَعَهُ، فَهَجَرَ لاَغِطاً، وَ ضَلَّ خَابِطاً. فَأَمَّا أَمْرُكَ لی بِالتَّقْوی، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، وَ أَسْتَعیذُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِنَ الَّذینَ إِذَا أُمِرُوا بِهَا أَخَذَتْهُمُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ. وَ لَوْ لاَ عِلْمی بِكَ، وَ مَا قَدْ سَبَقَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فیكَ مِمَّا لاَ مَرَدَّ لَهُ دُونَ نَفَاذِهِ، إِذاً لَوَعَظْتُكَ. وَ لكِنَّ عِظَتی لاَ تَنْفَعُ مَنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَ لَمْ یَخَفِ الْعِقَابَ، وَ لَمْ یَرْجُ للَّهِ وَقَاراً، وَ لَمْ یَخَفْ لَهُ حَذَاراً. وَ أَمَّا تَحْذیرُكَ إِیَّایَ أَنْ یَحْبَطَ عَمَلی وَ سَابِقَتی فِی الإِسْلاَمِ، فَلَعَمْری لَوْ كُنْتُ الْبَاغی عَلَیْكَ لَكَانَ لَكَ أَنْ تُحَذِّرَنی ذَلِكَ، وَ لكِنّی وَجَدْتُ اللَّهَ تَعَالی یَقُولُ: فَقَاتِلُوا الَّتی تَبْغی حَتَّی تَفی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ[2]. فَنَظَرْنَا إِلَی الْفِئَتَیْنِ، أَمَّا الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَوَجَدْنَاهَا الْفِئَةَ الَّتی أَنْتَ فیهَا، لأَنَّ بَیْعَتی بِالْمَدینَةِ لَزِمَتْكَ وَ أَنْتَ بِالشَّامِ، كَمَا لَزِمَتْكَ بَیْعَةُ عُثْمَانَ بِالْمَدینَةِ وَ أَنْتَ أَمیرٌ لِعُمَرَ عَلَی الشَّامِ، وَ كَمَا لَزِمَتْ یَزیدَ أَخَاكَ بَیْعَةُ عُمَرَ وَ هُوَ أَمیرٌ لأَبی بَكْرٍ عَلَی الشَّامِ. وَ أَمَّا شَقُّ عَصَا هذِهِ الأُمَّةِ، فَأَنَا أَحَقُّ أَنْ أَنْهَاكَ عَنْهُ. وَ أَمَّا تَخْویفُكَ لی مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْبَغْی، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَمَرَنی بِقِتَالِهِمْ وَ قَتْلِهِمْ، وَ قَالَ لأَصْحَابِهِ: إِنَّ فیكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلی تَأْویلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلی تَنْزیلِهِ، وَ أَشَارَ إِلَیَّ. وَ أَنَا أَوْلی مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ. وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَفْسَدَ عَلَیْكَ بَیْعَتی خُفُوری[3] فی عُثْمَانَ، وَ لَعَمْری مَا كُنْتُ إِلاَّ رَجُلاً مِنَ الْمُهَاجِرینَ، أَوْرَدْتُ كَمَا أَوْرَدُوا، وَ أَصْدَرْتُ كَمَا أَصْدَرُوا، وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْمَعَهُمْ عَلی ضَلاَلٍ، وَ لاَ لِیَضْرِبَهُمْ بِالْعَمی. وَ مَا أَمَرْتُ فَتَلْزَمَنی خَطیئَةُ الأَمْرِ، وَ لاَ قَتَلْتُ فَیَجِبَ عَلَیَّ قِصَاصُ[4] الْقَاتِلِ. [صفحه 845] وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ هُمُ الْحُكَّامُ عَلی أَهْلِ الْحِجَازِ، فَهَاتِ رَجُلاً مِنْ قُرَیْشِ الشَّامِ یُقْبَلُ فِی الشُّوری، أَوْ تَحِلُّ لَهُ الْخِلاَفَةُ. فَإِنْ سَمَّیْتَ أَحَداً مِنْهُمْ[5] كَذَّبَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الأَنْصَارُ، وَ إِلاَّ فَأَنَا آتیكَ بِهِ مِنْ قُرَیْشِ الْحِجَازِ. وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ بَیْعَتی لَمْ تَصِحّ لأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمْ یَدْخُلُوا فیهَا، كَیْفَ وَ إِنَّهَا شَمِلَتِ الْخَاصَّ وَ الْعَامَّ[6]، لأَنَّهَا بَیْعَةٌ عَامَّةٌ[7] وَاحِدَةٌ، تُلْزِمُ الْحَاضِرَ وَ الْغَائِبَ[8]، لاَ یُثَنَّی فیهَا النَّظَرُ[9]، وَ لاَ یُسْتَأْنَفُ فیهَا الْخِیَارُ. اَلْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ، وَ الْمُرَوّی فیهَا مُدَاهِنٌ. وَ إِنَّمَا الشُّوری لِلْمُؤْمِنینَ مِنَ الْمُهَاجِرینَ الأَوَّلینَ، السَّابِقینَ بِالاِحْسَانِ مِنَ الْبَدْرِیّینَ. وَ إِنَّمَا أَنْتَ طَلیقٌ ابْنُ طَلیقٍ، لَعینٌ ابْنُ لَعینٍ، وَثَنٌ ابْنُ وَثَنٍ، لَیْسَتْ لَكَ هِجْرَةٌ وَ لاَ سَابِقَةٌ، وَ لاَ مَنْقَبَةٌ وَ لاَ فَضیلَةٌ، وَ كَانَ أَبُوكَ مِنَ الأَحْزَابِ الَّذینَ حَارَبُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ. فَنَصَرَ اللَّهُ عَبْدَهُ، وَ صَدَّقَ وَعْدَهُ، وَ هَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ. وَ أَمَّا تَمْییزُكَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ، فَلَعَمْری مَا الأَمْرُ فی ذَلِكَ إِلاَّ وَاحِدٌ سَوَاءٌ. وَ أَمَّا قَوْلُكَ: ادْفَعْ إِلَیَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، فَمَا أَنْتَ وَ ذَاكَ، إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنْ بَنی أُمَیَّةَ وَ هَاهُنَا بَنُو عُثْمَانَ وَ هُمْ أَوْلی بِمُطَالَبَةِ دَمِهِ[10] مِنْكَ. فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّكَ أَقْوی عَلی طَلَبِ دَمِ أَبیهِمْ مِنْهُمْ، فَارْجِعْ إِلَی الْبَیْعَةِ الَّتی لَزِمَتْكَ، وَ ادْخُلْ فی [صفحه 846] طَاعَتی، ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَیَّ، أَحْمِلُكَ وَ إِیَّاهُمْ عَلَی الْمَحَجَّةِ. وَ أَمَّا وُلُوعُكَ فی أَمْرِ عُثْمَانَ، فَوَ اللَّهِ مَا قُلْتَ ذَلِكَ عَنْ حَقِّ الْعَیَانِ، وَ لاَ عَنْ یَقینٍ بِالْخَبَرِ. وَ أَمَّا اعْتِرَافُكَ بِفَضْلی وَ بِقِدَمی وَ سَوَابِقی فِی الإِسْلاَمِ وَ قَرَابَتی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ شَرَفی فی بَنی هَاشِمٍ[11]، فَلَعَمْری لَوِ اسْتَطَعْتَ دَفْعَهُ لَفَعَلْتَ. فَشَأْنُكَ وَ مَا أَنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ وَ الْحَیْرَةِ وَ الْجَهَالَةِ، تَجِدِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فی ذَلِكَ بِالْمِرْصَادِ، مِنْ دُنْیَاكَ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْكَ، وَ تَمَنّیكَ الأَبَاطیلَ. وَ قَدْ عَلِمْتَ مَا قَالَ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ[12] فیكَ وَ فی أُمِّكَ وَ أَبیكَ. فَارْبَعْ عَلی ظَلْعِكَ، وَ انْزَعْ سِرْبَالَ غَیِّكَ، وَ اتْرُكْ مَا لاَ جَدْوی لَهُ عَلَیْكَ، فَلَیْسَ لَكَ عِنْدی إِلاَّ السَّیْفُ حَتَّی تَفی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ صَاغِراً، وَ تَدْخُلَ فِی الْبَیْعَةِ رَاغِماً. أَلَمْ تَرَ قَوْمی إِذْ دَعَاهُمْ أَخُوهُمُ وَ السَّلاَمُ[13].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمیرِ الْمُؤْمِنینَ إِلی مُعَاوِیَةَ بْنِ صَخْرٍ[1].
أَجَابُوا وَ إِنْ یَغْضَبْ عَلی الْقَوْمِ یَغْضَبُوا
صفحه 844، 845، 846.
باختلاف بین المصادر.